لا جديد فى أن يخرج فرع من آل السبكى ليرتكب سقطة أدبية على الهواء مباشرة، ولا جديد فى أن يعرض أحد إعلاميينا نفسه للسباب بإثارة مصطنعة لم تدع إليها ضرورة إلا ضرورة جذب المشاهدين ومن ثم الإعلانات.

ولا جديد فى أن يتحول مشهد سب كريم السبكى لوائل الإبراشى على الهواء إلى مشهد خلافى وقضية لتنازع الرأى على مواقع التواصل الاجتماعى حيث تنتشر مثل هذه السقطات أكثر وأسرع مما تنتشر أى مواد أخرى.
الجديد هو أن قاع المتوقع والمقبول على شاشات التليفزيون قد انخفض إلى عتبة جديدة، وما كنا نظن يوما ما أنه قعر هذه المهزلة الإعلامية والمهنية والأخلاقية نكتشف اليوم أنه سماء سابعة بالنسبة لما يأتى فى اليوم التالى عليه.
ولا أتكلم هنا عن رد كريم السبكى على الإبراشى وحده، فهو إجمال مخل للقضية التى يتناول تفصيلها سلسلة من الجرائم الأخلاقية والمهنية شهدتها المقابلة التى ختمها سباب السبكى للإبراشي.
طفلة فى الخامسة جرى تصويرها وهى ترقص حاملة فى يدها وبين أسنانها «سنجة»، وتؤدى حركات مختلطة ما بين تمثيل البلطجة والرقص على أغنية لا تقل إسفافا عن المشهد نفسه، وكان هذا المشهد هو موضوع الحلقة التى أجراها الإبراشي، وكانت الطفلة غير المسئولة محل الاستجواب والهجوم.
وكان مع الطفلة رجل يقول إنه أبوها، وتؤكد الصور التى انتشرت على مواقع التواصل له فى مواقف مختلفة، ومظاهرات متعددة، أنه رجل من هؤلاء الذين يجرى استئجارهم فى كل مظاهرة ليقوم بدور المؤيد المتعصب أو المعارض المتعصب لشيء ما أو لشخص ما.
والرجل –  الأب افتراضا – يصرخ فى السبكى مؤكدا أن ابنته ضحية لأفلام الحقبة السبكية التى دمرت أخلاقيات ابنته التى يحاول التمسك بها، لكنه يعترف فى الوقت نفسه أنه هو من التقط هذا المشهد بكاميرا هاتفه المحمول، ويزعم أنه التقط هذا المشهد ووضعه على يوتيوب ليوثق لجريمة السبكية، وهو سياق أكثر إسفافا من دراما السبكى كلها، ولا يمكن أن يعقله عاقل أو حتى أبله.
ووسط هذا الهزل الذى يعرض بشكل يصل إلى حد التجريم بطفلة دون الخامسة، ويتضمن «استهبالا» لا حد لآفاقه من الرجل الذى يزعم أنه والدها، ويواجهه السبكى الصغير بأسئلة منطقية حول تصوير الأب لابنته فى هذه الهيئة ونشره للتصوير وسط أجواء احتفالية من المحيطين بها الذين يبدو عليهم عظيم الإعجاب بما ترتكبه صغيرتهم، يتدخل الأستاذ الإبراشى بسؤال يحاول أن يجعله يبدو بريئا وموضوعيًا ومحايدًا، ويستفز هذا السؤال السبكى أكثر حتى ليعير الإبراشى بما تعرض له من اعتداء فى الولايات المتحدة أثناء مصاحبته للرئيس فى رحلته إلى الأمم المتحدة، ويقول له إنه يستحق ما جرى له، وهو ما قاد الإبراشى لوصف كريم السبكى بأنه «بلطجي»، ليعاجل السبكى بالسب الذى كان من الممكن أن يكون أشد وطأة لولا نجدة المخرج الذى قطع الإرسال عن مكالمة السبكي.
الجديد هذه المرة هو المستوى الجديد من الهبوط، لا الهبوط من حيث المبدأ والحالة، فالهبوط فى مستوى الخدمة الإعلامية المقدمة فى القنوات المصرية العامة والخاصة متواصل منذ سنوات على مستوى الكفاءة المهنية والكفاية الأخلاقية والموضوعية، وليست مفاجأة كبيرة أو صادمة إذا ما هبط الحضيض درجة إلى المزيد من الحضيض.
ما رأيك أن يصدر العنوان الرئيسى لصحيفة بخطأ إملائي؟ وما رأيك أن تصدر صحيفة خبرا عن أسلحة فرنسية مصحوبا بصورة لطائرة روسية؟ وما رأيك فى أن يعرض التليفزيون الحكومى تقريرا عن شراء مصر لحاملتى هليكوبتر من فرنسا مصحوبا بصور لحاملة مقاتلات أمريكية؟
ما رأيك فى أن تستضيف قناة عربية عابرة للحدود رجلا اكتسب شهرته من مهاتفة جنسية مع ساقطة؟ وما رأيك فى أن تصنع قناة نجومية لمسجلة آداب سابقة؟ وما رأيك فى أن تستضيف قناة فضائية ممثلة تكرر للمرة الثانية أن المبشرين بالجنة أربعة وأن كونهم عشرة ليس سوى شائعة يصدرها الإخوان؟
الإعلام المصرى على حاله الجارى شاة ذبحت، ولا ضرر فى أن يسلخ جلدها، فالسلخ منطق متوقع دائما بعد الذبح.

Link