لم تكن الغضبة التي انفجرت بسبب ظهور وزيرة الاستثمار، الدكتورة سحر نصر، أمام الأمير، الوليد بن طلال، وهو يرتدي »الشورت» خالصة لوجه الله والبروتوكول الذي نخرقه في اليوم ألف مرة.
وإنما هو التربص الذي صار يحكم الحالة السياسية المصرية منذ ٢٠١١، فلم تعد المسائل الموضوعية ذات شأن في لعبة المكايدة المستمرة القائمة بشكل كامل علي العداء للأشخاص علي أهون الظروف، والعداء للوطن علي أسوأها.. لا شك أن الوليد قد خالف عرفا بروتوكوليا واضحا عندما التقي وزيرة تمثل الدولة المصرية بملبس أقل وقارا مما قد يلتقي به وزيرا في بلده السعودية، ولا أجد داعيا للدفاع عن هذه المخالفة البروتوكولية، وتبريرها بأن الزيارة حققت عائدا استثماريا كبيرا، فهذا – من الناحية الموضوعية المغيبة – إنجاز كبير يحسب للوزيرة، لكنه لا يسقط حقيقة أن مظهر الأمير لم يكن مناسبا.. ولا أستبعد بالطبع أن يكون غضب البعض راجعا بصدق إلي الغيرة علي هذه الهيبة، علي الرغم من أن كثيرين ممن استنكروا المشهد هم أنفسهم ممن يستنكرون مبدأ الهيبة نفسه، لكن – ومع تقديم حسن النية – لا يمكنني أن أستبعد أن كثيرا من هذا الغضب موجه إلي الوزيرة نفسها كشكل من أشكال التصدي لنشاطها الواضح في جلب الاستثمارات الأجنبية إلي مصر.. وهو في ذاته هجوم علي هدف أعمق ترمز إليه الوزيرة، وهو دولة يونيو كلها وما تمثله من عمل وإنجاز يجب أن يلاحقه التسفيه والتشكيك، مهما كانت فائدته ومهما كان نفعه. وربما كان ذلك ما حدا بالمدافعين عن »شورت الوليد» إلي التعامي عن فكرة اللياقة، والتمسك بالعائد المادي للمقابلة، ولو كانوا في المقاعد المقابلة لاستثمروا الحدث بالعكس، ولاستنكروا التقوي بأموال الأمير مقابل هيبة الدولة.. القضية ليست في وزيرة الاستثمار، ولكن القضية في استقطاب أصبح حكما في كل المسائل فوق الموضوعية وفوق الحق وفوق المنطق أحيانا كثيرة.