لأنهم مسلمون فهم علي صواب، ولأنهم علي صواب يحاربهم الآخرون.. هكذا بيعت لنا أسطورة المجاهدين الأفغان الذين كانوا ينفذون بالتمويل والتسليح والتوجيه الأمريكي أهداف الولايات المتحدة في محاربة الاتحاد السوفيتي بدماء غير أمريكية.

كانت الكتيبات تباع علي الأرصفة في القاهرة تحكي عن معجزات المجاهدين الذين يحاربون الشيوعيين الكفرة بغير سلاح غير الإيمان، فينصرهم اللهم ويسدد ضربهم، وكانت الملصقات – قبل عصور السوشيال ميديا – تصور جثثا وأشلاء للمسلمين الذين قتلهم الكفار، لا لذنب إلا لأنهم علي دين الحق، لا لأن أمريكا تريد إسقاط النظام الموالي لموسكوفي كابول.. ولم يحدثنا أحد حينها عن أي خلفيات سياسية أوأيديولوجية للصراع، ولم يفاتحنا أحد في شأن الجرائم التي ارتكبها هؤلاء المجاهدون ضد بعضهم البعض – أثناء سنوات الجهاد ضد السوفييت وبعده – أوالجرائم التي تخصصوا فيها، كالإتجار في السلاح والمخدرات.. ولم نسمع مرة شيخا منهم ينادي بالتعاطف أويستدعي مشاعر التضامن مع جندي مصري مسلم لقي نحبه أومازال ينتظر، رغم أن القاعدة الشرعية تنص علي أن الأقربين بالمعروف أولي..فالمجاهدون في الفلبين وسيكيانج الصينية وبورما والشيشان إخوتنا، لكن المسلمين الذين يقتلهم المسلمون في سوريا والعراق والصومال وليبيا، وفي سيناء وعلي حدودنا الغربية، ليسوا أهلا لسيلان التعاطف الذي يجري زلالا لغيرهم.

القضية واحدة في كل مرة، أن الإسلام السياسي الذي أنشأته أمريكا لتبني به جدارا بين الاتحاد السوفيتي ونفط الخليج هوالجهاد من أجل إعلاء كلمة الله، بينما الجهاد الذي يبذل فيه مسلمون الروح والدم من أجل الحفاظ علي الدولة الوطنية والأهداف القومية لا يزن عند الآلهة في البيت الأبيض مثقال حبة من خردل.

Link