وكانت الحرب العالمية الثانية قد عطلت خطوط الشحن، وفرضت حالة من الانتباه الأمني علي السواحل جعلت تهريب الهيروين إلي الولايات المتحدة أمرا شبه مستحيل.
وشحت واردات الهيروين، وتراجع عدد المدمنين في الولايات المتحدة من نحو مائتي ألف وذلك عام ١٩٢٤ إلي أقل من عشرين ألفا بنهاية الحرب عام ١٩٤٥..لكن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية خلقت موقفا مكن للمافيا الصقلية الأمريكية استئناف عملها في تهريب المخدرات.
وكانت أوروبا ميدان الصراع الأهم بالنسبة للولايات المتحدة في هذا الوقت.. وفي صقلية، تحالفت المخابرات الأمريكية مع المافيا لمساعدة قوات الحلفاء في غزوالجزيرة عام ١٩٤٣، حيث كانت المافيا التقليدية تسعي إلي إسقاط موسوليني الذي شن عليها حربا ضارية.. وبعد السيطرة علي صقلية، رد الجيش الأمريكي الجميل للمافيا بتعيين رجال المافيا حكاما للعديد من البلدات في غرب صقلية. وبعد خمس سنوات كانت المافيا تسيطر علي الحياة السياسية في الجزيرة كلها..ومع تحول السياسة الإيطالية نحواليسار عام ١٩٤٣ و١٩٤٤، كان التحالف بين المخابرات الأمريكية والمافيا الصقلية يقف علي خط المواجهة لمراقبة تصاعد قوة الحزب الشيوعي في الجزيرة..وفي ١٩٤٦، قدمت المخابرات العسكرية الأمريكية خدمة جليلة للمافيا بإطلاق سراح سالفاتور »لاكي» لوتشيانو من سجن في نيويورك، وقامت بترحيله إلي إيطاليا، وكان ذلك إطلاقا لسراح واحد من أهم المواهب الإجرامية في جيله ليعيد بناء تجارة الهيروين.. وخلال عامين بعد ترحيل لوتشيانوإلي إيطاليا، أفرجت الولايات المتحدة عن أكثر من مائة من صفوة رجال المافيا، وقامت بترحيلهم إلي إيطاليا..وبمساعدة هؤلاء تمكن لوتشيانوبسرعة من بناء شبكة دولية أعادت تصديره بكميات هائلة إلي الولايات المتحدة دون أن تتعرض ولومرة واحدة لعملية اعتقال كبيرة أولأي عرقلة لأعمالها..وأدت سياسة التوزيع الشاملة التي انتهجتها شبكة المافيا داخل الولايات المتحدة في زيادة عدد المدمنين من نحوعشرين ألفا بنهاية الحرب العالمية الثانية إلي ستين ألفا في ١٩٥٢، ثم إلي مائة وخمسين ألفا بحلول عام ١٩٦٥.